خطبة الجمعة بعنوان (الرِّجالُ حقَّاً)
الحمدُ لله خلق كلَّ شيءٍ فأحسنَ خَلْقَهُ وِتَقوِيْمَه،نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, امتنَّ على عبادِهِ بِتَيسِيرِهِ وتَوفِيقِهِ،ونشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ الله ورسولُهُ أدَّبَهُ رَبُّهُ فَأَحسَنَ تَأدِيبَهُ, صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ،وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ رِجَالٌ صَبَروا وصابَروا في سبِيلِ الدِّينِ وتَوصِيلهِ, أمَّا بعدُ:فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا في يومٍ من الأيامِ قال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ لأَصحَابِهِ:تَمَنَّوا،فَتَمَنَّوا مِلءَ البَيتِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ مَالاً وَجَوَاهِرَ يُنفِقُونَهَا في سَبِيلِ اللهِ،فَقَالَ عُمَرُ:لَكِنِّي أَتَمَنَّى رِجَالاً مِثلَ أَبي عُبَيدَةَ وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ وَحُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ،فَأَستَعمِلُهُم في طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ! رَضِيَ اللهُ عَن عُمَرَ ، مَا أَصوَبَ رَأيَهُ وَأَدَقَّ فَهمَهُ!لَقَد تَمَنَّى رِجَالاً لأنَّهُ يَعلَمُ أنَّهم الأساسُ الذينَ تَحيَا بِوُجُودِهِمُ الأُمَمُ وَالمُجتَمَعَاتُ؟!وإِنَّ رَجُلاً وَاحِدًا تَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعالِمُ الرُّجُولَةِ الحَقِيقِيَّةِ,لَهُوَ أَعَزُّ مِن كُلِّ مَعدِنٍ نَفِيسٍ،وَإِنَّ رَجُلاً صَالِحَاً تَامَّ الرَّجُولَةِ,لَهُوَ عِمَادُ الأُمَّةِ وَرُوحُ نَهضَتِهَا,وَمُنطَلَقُ صَلاحِها وإِصلاحِهَا. نعم يا مؤمنونَ:أُمَّتُنا ودِينُنا ومُجتَمَعُنا في هذا الزَّمنِ بِحاجَةٍ إلى الرِّجَالِ!ونَعنِي بالرَّجُلِ:هو الذي أَخضَعَ ذَاتَهُ وجَوَارِحَهُ لِمَا أَرادَ اللهُ عزَّ وجلَّ،فهماً وسُلوُكاً وَتَطبِيقَاً,
عبادَ اللهِ:الرُّجُولةُ سِّمَةٌ عَظِيمَةٌ,وَإِنْ حَاوَلَ كُلُّ فَردٍ أَنْ يَنسِبَهَا لِنَفسِهِ فإنَّ لها خَصَائِصَ وَصِفَاتٍ، مَدَحَهَا الشَّارِعُ وَأَثنى عَلَى أَهلِهَا،وَإِنَّ نَظرَةً في كِتَابِ اللهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ تُبيِّنُ تِلكَ الصِّفاتِ وشدَّةَ الحاجةِ لَهم،اقرَؤُوا إِنْ شِئتُم قَولَهُ تَعَالى: لَمَسجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقوَى مِن أَوَّلِ يَومٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ وَقَولَهُ : في بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبصَارُ . اللهُ أكبَرُ عبادَ اللهِ:هُنا في المَسَاجِدِ تجِدُ أمَاكَنَ الرِّجَالِ،فَمنها انطَلَقَوا,وفيها ترَبَّوا,وبِها تَعَلَّقَتْ قُلُوبُهم!يَأتُونَ إِلَيهَا طَاهِرَةً أَعضَاؤُهُم،خَاشِعَةً أَفئِدَتُهُم،يَذكُرُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ!فَالرُّجولةُ الحَقَّةُ أنْ لا تُشغِلَكَ الدُّنيا عن الآخِرَةِ بِأيِّ حَالٍ من الأَحوالِ،
وَمِن صِفَاتِ الرِّجَالِ أنَّها مَهَمَّةُ الأَنبِياءِ والمُرسَلِينَ وأتبَاعِهم من أَهلِ الجُرأَةِ والحقِّ والدِّينِ, الآمرينَ بالمعروفِ النَّاصحينَ للخلقِ قَال تَعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِم وقالَ وَجَاءَ مِن أَقصَى المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسعَى قَالَ يَا قَومِ اتَّبِعُوا المُرسَلِينَ وقَالَ تعالى ُعن مُؤمِنِ آلِ فِرعَونَ: وَقَالَ رَجُلٌ مُؤمِنٌ مِن آلِ فِرعَونَ يَكتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ فهُوَ رَجُلٌ تَقِيٌّ خَفِيٌّ يُدَافِعُ عَنِ الحَقِّ,قد تَحَرَّكَ سَرِيعًا لِبَذلِ النَّصِيحَةِ لأَهلِهِ وَبَني قَومِهِ ! ولهذا كان النبيُّ يتطلَّعُ إلى الرُّجولةِ التي تُناصِرُهُ وتَعتزُّ بها دَعوَتُهُ،ويَسأَلُها ربَّهُ لَيلَ نَهَارَ فيقولُ: (اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ بَأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ؛بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،أَوْ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ: فَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ)).فَلم تَكُن رُجُولَةُ عُمرَ في قوةِ بدنِه،أو رِفعَةِ نَسَبِهِ,أو كَثرَةِ مالِهِ,ففي قريشٍ مَنْ هو أقوى منه،وأرفعُ وأغنى!ولكنَّ رُجُولتَهُ كانت في قُوةِ إيمانِهِ,وتَأَثُّرِ الدَّعوةِ بِهِ,قال ابنُ مسعودٍ: (ما زِلنا أَعِزَّةً مُنذ أَسلَمَ عمرُ )
فَالرِّجَالُ يا مُؤمنونَ:لا يُقاسونَ بالنَّسَبِ ولا بالثَّراءِ,ولا بالمنصِبِ والجاهِ،فَحينَ أَمَرَ النَّبِيُّ ابْنَ مَسْعُودٍ أنْ يَصعَدَ عَلَى شَجَرَةٍ لِيَأْتِيَهُ مِنْهَا بِشَيْءٍ،نَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِه,فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ،يعني دِقَّتِها فَقَالَ :”مَا تَضْحَكُونَ؟لَرِجْلُ عَبْدِ اللهِ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ” عبادَ اللهِ:وَمِن صِفَاتِ الرِّجَالِ صِدقُ الحَدِيثِ,والوَفَاءُ بالعَهدِ والوَعدِ,وردُّ الحُقُوقِ إلى أهلِها! وَمِن الصفَاتِ:الثَّبَاتُ عَلَى المَنهَجِ وَعَدَمُ التَّقَلُّبِ وَالنُّكُوصِ،فقد مَدَحَ اللهُ صِنفًا عَزِيزًا مِنَ الرِّجَالِ فقالَ: مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضَى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدِيلاً فهم لَمْ يَنحَرِفُوا أَو يَمِيلُوا،بَلِ استَقَامُوا عَلَى المَنهَجِ وَثَبَتُوا عَلَى الصِّرَاطِ،فَمِنهُم مَن قَضَى نَحبَهُ وَهُوَ عَلَى عَهدِ رَبِّهِ،وَمِنهُم مَن هُوَ سَائِرٌ عَلَى أَمرِ رَبِّهِ! فَمَا أَجمَلَ المُسلِمَ إِذْ عَرَفَ أَن يَلزَمَ ويَستَقِيمَ!ما أَحرَاهُ وَقَد عَمِلَ أَن يُدِيمَ!قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لِمَنِ استَوصَاهُ: ((قُلْ: آمَنتُ بِاللهِ ثم استَقِمْ))،ونَحنُ زمنٍ كَثُرت فيهِ الأُطرُوحاتُ والأُغلُوطاتُ والشُّبُهاتُ من أطرافٍ وأقلامٍ شتَّى!
وَمِن صِفَاتِ الرِّجَالِ في القُرآنِ يامُؤمنونَ:أنَّهم قَوَّامُونَ عَلَى مَن وَلاَّهُمُ اللهُ أَمرَهُم مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ،فقَالَ سُبحَانَهُ: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعضَهُم عَلَى بَعضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِن أَموَالِهِم قال ابنُ كثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ:القيِّمُ الرئيسُ،الذي يَحكـُمُ أهلَه ويقوِّمُ اعوجَاجَهم إذا اعوجُّوا،وهو المَسئُولُ عنهم يومَ القيامةِ، قالَ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ,وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)). أيُّها الكِرامُ:وَإِنَّ اطِّلاعًا عَلَى حَالِ بَعضِ البُيُوتِ وَجَولَةً في كَثِيرٍ مِنَ الأَسوَاقِ والمُتَنَزَّهاتِ,لَتُرِيكَ كَم تُقتَلُ الرُّجُولَةُ وَتُذبَحُ عَلَى أَيدِي أُنَاسٍ أَسلَمُوا القِيَادَ لِنِسَائِهِمُ!وتَخَلَّوا عن قَوَامَتِهم! والله المستعانُ،فاللهمَّ أعنا جميعاً على أداءِ الأمانةِ وحقِّ القِوامة ياربَّ العالمينَ,أقولُ ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِّ ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله وسعَ كلَّ شيءٍ بِرحمَتِهِ،وَعمَّ كُلَّ حَيِّ بِنعمَتِهِ،نَشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في رُبُوبِيَّتِهِ وأُلُوهِيَّتِهِ،وَنَشهدً أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّداً عبدُ الله وَرَسُولُهُ خِيرتُه من بَرِيَّتِهِ،صلَّى اللهُ وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وصحابَتِهِ،والتَّابعينَ ومن تَبِعهم على نَهجِهِ وسُنَّتِهِ.أَمَّا بَعدُ:فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله,وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ،قِفُوا عِندَ حُدُودِهِ،وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أنَّ النَّبيَّ قالَ: ((إِنَّهُ لَيَأتي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَومَ القِيَامَةِ فَلا يَزِنُ عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَاقرَؤُوا إِنْ شِئتُم قَولَهُ تَعَالى: فَلاَ نُقِيمُ لَهُم يَومَ القِيَامَةِ وَزنًا ))وَعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَّبيِّ فَقَالَ لِرَجُلٍ عِندَهُ جَالِسٍ: ((مَا رَأيُكَ في هَذَا؟)قَالَ:رَجُلٌ مِن أَشرَافِ النَّاسِ،هَذَا وَاللهِ حَرِيٌّ إِن خَطَبَ أَن يُنكَحَ وَإِن شَفَعَ أَن يُشَفَّعَ،فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ ،ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: ((مَا رَأيُكَ في هَذَا؟)فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا رَجُلٌ مِن فُقَرَاءِ المُسلِمِينَ،هَذَا حَرِيٌّ إِن خَطَبَ أَن لاَّ يُنكَحَ وَإِن شَفَعَ أَن لاَّ يُشَفَّعَ وَإِن قَالَ أَن لاَّ يُسمَعَ لِقَولِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: ((هَذَا خَيرٌ مِن مِلءِ الأَرضِ مِن مِثلِ هَذَا)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ،
نعم يا كِرامُ: الرِّجالُ لا يُقَاسُونَ بِأَحسَابِهم ولا بِأنسابِهم, ولا أشكَالِهمِ,ولا بِحساباتِهم وَثَرائِهم, إِنَّمَا بما وَقَرَ في قُلُوبِهم من الإِيمَانِ,وما حقَّقُوهُ من عَمَلٍ صالِحٍ. وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ فليستِ الرُّجولَةُ في المَواكِب والمَناصِبِ,وتَحتَ إداراتِهم ووزارَتِهم وإمارَتِهم يَنتَشِرُ الفسادُ ويُنَظَّمُ ويُرعى!هذهِ واللهِ خِيانَةٌ!
أيُّها الكرامُ: والعجيبُ في الأمر أنَّكَ ترى بعضَ الحَمقَى يُبَرِّرونَ حَمَاقَتِهم بأنَّها من مُقتَضَياتِ الرُّجُولَةِ! فالكَذِبُ والغِشُّ والتَّدليسُ,يَعُدُّونَها رُجولَةً!التَّهَوُّرُ في القِيَادَةِ ومُخالفةُ الطُّرُقاتِ وَإقفَالُها أمامَ النَّاسِ يَعُدُّونَها مَفخَرةً ورُجولَةً!والأدهى والأمّرُّ والمُحزِنُ والمُخزِي أنْ يكُونَ الرَّجُلُ في البيتِ مُتَسَلِّطَاً على زَوجتِهِ وأولادِهِ سَبَّاً وشتماً,وضَرباً وإهانَةً وَلَعنَاً,ويَعُدُّ ذلِكَ مَفخَرةً ورُجُولَةً! وما عَلِمَ أنَّها الحماقَةُ والسَّفهُ بِعَينِها!فكيفَ في الصَّبَاحِ يَعتَدِي عليها وفي الَّليلِ يُعاشِرُها!أيُّ دناءةٍ هذهِ وأيُّ حُمقٍ ارتَكَبَهُ هذا الدَّنيءُ!؟قالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ رحمهُ اللهُ ما مفادُهُ:الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بإلزامِهِنَّ بِحقوقِ اللهِ،مِن المُحافَظَةِ على الفَرَائِضِ,وَكَفِّهِنَّ عن المَفَاسِدِ،وأنْ يُلزِمُوهُنَّ بِذَلِكَ،وَقَوَّامُونَ عَليهِنَّ بِالإنفَاقِ والكُسوَةِ والمَسكَنِ،فَهِيَ عِندَهُ عَانِيَةٌ أَسِيرَةٌ خَادِمَةٌ, فاتْرُكُوا مُعاتَبَتَها على الأُمُورِ المَاضِيَةِ،والتَّنقِيبِ عن العُيوبِ التي تَضُرُّ وتُحدِثُ الشَّرَّ!فَوَظِيفَتُهُ أنْ يَقُومَ بِما استَرعَاهُ اللهُ بِهِ.انتهى
عبادَ اللهِ:تَأمَّلوا كَيف تُقتَلُ الرُّجُولَةُ وَتُذبَحُ عَلَى أَيدِي أُنَاسٍ أَسلَمُوا لِنِسَائِهِمُ القِيَادَ،وَتَرَكُوا لَهُنَّ الحَبلَ عَلَى الغَارِبِ،يَطُفنَ في الأَسوَاقِ كَالهَمَلِ،ويَلبَسنَ مَلابِسَ الفِتنَةِ بلا حَيَاءٍ ولا خَجَلٍ! لا يَترُكنَ دُكَّانًا إِلاَّ دَخَلنَهُ،وَلا بَائِعًا إِلاَّ فَتَنَّهُ،وَلا شَابَّاً إلاَّ أحرقنَ قَلبَهُ!وَذَاكَ الذَّكرُ في سَيَّارَتِهِ يُقَلِّبُ جَوَّالَهُ،أو في استراحَتِهِ مع أصدِقائِهِ!فَهل هذا من مُقتَضَياتِ الرُّجُولَةِ والقِوامَةِ ؟!. والرَّسُولُ يَقولُ: ((إذا كان أُمراؤكُم فُسَّاقُكم وأَغنِيَاؤكُم شِرَاركُم،وأُمُورُكُم إلى نِسائِكُم،فَبَطنُ الأَرضِ خَيرٌ من ظَهرِهَا))رواهُ الترمذي.أيُّها المؤمنونَ:ألم يصفِ اللهُ تعالى أنَّ الرِّجال حقَّاً هم رِجَالٌ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ فَأَينَ مَن يتَهَاوَنُونَ بِصَلاةِ الجَمَاعَةِ وَيتَشَاغَلُونَ وَيَتَكَاسَلُونَ؟!هَل عَرَفَ الرُّجُولَةَ مَن شَغَلَهُ الفِرَاشُ عَن صَلاةِ الفَجرِ مع جَمَاعَةِ المُسلمِينَ؟!بل أَينَ مِنَ الرُّجُولَةِ مَن لا يَسعَى إِلى ذِكرِ اللهِ يَومَ الجُمُعَةِ إلا مُتأخراً أو مُتخلِّفا،تَفُوتُهُ الخُطبَةُ وَلا يَكَادُ يُدرِكُ الصَّلاةَ؟!مع الأسفِ الشَّدِيدِ إِنَّ بعضاً ممَّن يعُدُّون أنفسَهُم رِجَالاً تَشغَلُهُم عَنِ الصَّلاةِ قَنَاةٌ مَاجِنَةٌ،وَتُلهِيهِم عَن المَسَاجِدِ مَسرَحِيَّةٌ فَاجِرَةٌ،وَيُنسِيهِمُ الذِّكرَ مَجلِسُ لَهوٍ، فَمَا أَبعدَهُم عَن رِجَالٍ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ.
معاشِرَ الشَّبابِ: أنتم رجالٌ فلا يَكُن أحدُكمً إمَّعَةً إنْ أَساءَ غَيرُهُ تَبِعهُ!وإنْ جَاءَت مَوضَةٌ أخَذَها,فَأينَ الرُّجُولَةُ فِيمن يَتَمَايَلُ كما النِّساءِ في حَرَكَاتِهِ ومِشيَتِهِ؟،يَضَعُ القِلادَةَ على رَقَبَتِهِ, وَيرقُصُ كما ترقُصُ النِّساءُ؟!ويَتَخنَّثُ في هيئتِهِ!ألم يَلْعَنَ رَسُولُ اللهِ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ،بل قَالَ: (أَخرِجُوهُم مِن بُيُوتِكُم)
مَازِلتُ أَبحثُ في وُجوهِ القومِ عن بَعضِ الرِّجَالِ عن عُصبَةٍ يَقِفُون في الأَزَمَاتِ كَالشُّمِ الجِبَالِ
فَإِذا تَكَلَّمَتِ الشِّفَاهُ سَمِعتَ مِيزَانَ المَقَالِ وإذَا تَحَرَّكتِ الفِعالُ رَأيتَ أَفعَالَ الرِّجَالِ
يَصِلُونَ لِلغَايَاتِ لَو كانت على بُعدِ المُحَالِ وَيُحقِّقونَ مَفَاخِرَاً كانت خَيالاً في خَيالٍ
وَيَرونَ أنَّ الحُرَّ عَبْدٌ إنْ تَوَجَّهَ لِلضَّلالِ مَن لي بِفَردٍ مِنهُمُ ثِقَةً وَمحمُودَ الخِصَالِ
مَن لي بِهِ يا قَومِ إنَّ هُمُومَ وِجدَانِي ثِقَالٌ سَيَطُولُ بَحثِي إنَّ سُؤُلِيَ نَادِرٌ صَعبَ المَآلِ
فَمَنِ الذي تَحوي مَعَاً أًوصًافُهُ هذِي الخِصَالُ لَكِنَّ عُذرِيَ أنَّ فِي الدُّنيا قَليلاً مِن رِجالٍ
فَالرُّجُولَةُ الحَقَّةُ ياكِرامُ:رأَيٌ سَدِيدٌ،وعَمَلٌ رَشِيدٌ,وكَلِمةٌ طَيِّبةٌ،ومُروءُةٌ وَشَهَامَةٌ،وَتَعاونٌ وَتَضَامُنٌ، فَعلى كُلِّ واحدٍ منَّا أنْ يُعِدَّ عُدَّتهُ لِلتَّحَلِّي بها،فَعَاقِبَتُها جَمِيلَةٌ وَثَمَراتُها عَاجِلَةٌ وآجِلَةٌ،جَعَلَنَا اللهُ جميعا من الرِّجالِ التَّوابينَ المُتَطَهِّرينَ القائِمينَ لِلذِّكرِ والمُقيمينَ الصَّلاةَ والقَوَّمينَ على النِّساءِ, اللهمَّ وفقنا جميعا لِمَا تُحبُّ وَترضى وأَعنا على البِرِّ والتقوى,وأهدنا وأهد بنا ويسر الهدى لنا,
اللهم أصلح نياتنا وذُرِّيَاتِنا وأقر أعيننا بصلاحهم,اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين خذ بنواصيهم للبر والتقوى ومن العمل ما ترضى ياربَّ العالمين, عباد الله أذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.